يقول علماء إن أبرز ما يميز موضوع فيروس كورونا هو مدى ضآلة ما يعرفه العالم عنه، رغم أنه ظل على مدى العامين الأخيرين في نظر شبكة عالمية من الخبراء تتابع كل الفيروسات الجديدة من أهم الأخطار الوبائية المحتملة.
وتقع المسؤولية الأولية في الاستجابة لظهور الفيروس على عاتق وزارة الصحة السعودية التي تقضي القواعد الصحية المعمول بها عالميا أن تخاطب منظمة الصحة العالمية فيما يتعلق بحالات الإصابة بالفيروس.
ومن البداية، عملت الوزارة مع وكالات ومؤسسات عالمية مختلفة منها منظمة الصحة العالمية والمراكز الأميركية للتحكم بالأمراض والوقاية منها وجامعة كولومبيا وإيكوهيلث الايانس، ولكن بعض هذه المؤسسات أبدت شعورا بالإحباط لعدم إيلاء السلطات السعودية الاهتمام الكافي للموضوع، وفقا لما تقول.
متلازمة ميرس
وفيروس كورونا هو المسؤول عن مرض متلازمة الشرق الأوسط التنفسية "ميرس" الذي تسبب في وفاة أكثر من 175 شخصا بالسعودية وانتشر في عدة دول بالمنطقة ووصل إلى دول بعيدة مثل ماليزيا واليونان ولبنان والولايات المتحدة عن طريق بريطانيا.
ويتسبب هذا المرض مثل شبيهه التهاب الجهاز التنفسي الحاد "سارس" في إصابة المرضى بالسعال والحمى، وقد تصل في بعض الحالات إلى الالتهاب الرئوي والفشل الكلوي. وتم اكتشاف إصابة أكثر من 650 شخصا في مختلف أنحاء العالم بفيروس كورونا، ويتزايد عدد ضحاياه بصفة يومية بالسعودية ويقتل نحو 30% منهم.
وحرص رئيس وحدة الأمن الصحي بالصحة العالمية كيجي فوكودا على عدم توجيه نقد مباشر للسلطات السعودية خلال لقاء مع وسائل الإعلام في الـ14 من هذا الشهر، لكنه وصف ما تحقق من تقدم بأنه بطيء مضيفا أنه توجد ثغرات حرجة بالمعلومات، خاصة استمرار نقص دراسة عينات المقارنة التي تعد نقطة بداية مهمة لتحديد مصدر المرض ومن يصاب به وكيفية الإصابة به.
معلومات ناقصة
وقال خبير الأمراض المعدية ومدير جمعية ويلكوم تراست العالمية الخيرية جيريمي فرار إن هناك معلومات كثيرة ناقصة في معرفتنا بهذه العدوى بعد عشرين شهرا سواء من منطلق علم الأوبئة أو مسارات انتقال العدوى أو من منطلق علم الفيروسات أو التغيرات السلوكية.
وأضاف فرار أن السعوديين تلقوا عروضا بالمساعدة لكنهم لم يكونوا متقبلين لها، متابعا أن العالم محظوظ جدا لأن هذا الفيروس يبدو مستقرا ولا يتحور فيما يبدو "لكن تصوروا ما كان يمكن أن يحدث بعشرين شهرا منذ ظهور الفيروس الجديد لو أنه سارس آخر" في إشارة لفيروس متلازمة الالتهاب التنفسي الحاد الذي ظهر بالصين عام 2003 وأدى لوفاة قرابة ثمانمائة شخص.
من جهته، قال زياد مميش نائب وزير الصحة السعودي لوكالة رويترز إنه مندهش لهذه الانتقادات، ووصف العمل الذي قامت به الوزارة منذ ظهور المرض بأنه كان يقوم على التعاون، مشيرا إلى أن العلماء ما زالوا يكافحون لفهم فيروسات قاتلة أخرى بعد عشرات السنين من اكتشافها، مشككا في دوافع بعض المنتقدين.
قصة نجاح
وقال نائب وزير الصحة -في رسالة بالبريد الإلكتروني لوكالة رويترز- إنه راض عن الأسلوب الذي تعاملت به السلطات السعودية مع الفيروس، وسيواصل إشراك شركاء آخرين لكي تكون معرفة تفاصيل الفيروس قصة نجاح على المستوى العالمي.
ومميش خبير بالأمراض المعدية وكان عضوا بلجان استشارية تابعة للصحة العالمية، ونشر أكثر من 180 بحثا في العقد الأخير بعضها بدوريات مهمة مثل "ذا لانست" و"نيو إنغلند جورنال أوف ميديسين".
وهو يدافع عن الطريقة التي أدارت بها المملكة الموضوع، ويقول إنه كان تعاونا على نطاق واسع، مشيرا إلى أن المعلومات مازالت محدودة عن أمراض فيروسية أخرى معدية مثل "إيبولا" الفتاك الذي ينتشر بين الحين والآخر بأفريقيا منذ اكتشافه قبل أربعين عاما، مؤكدا أن كل هذا التعاون أجاب عن أسئلة كثيرة لكن بالطبع مازالت هناك بعض الأسئلة التي تحتاج لإجابة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
نرحب برأئيك